علم الحديث الحديث :في اللغة ضد القديم ،واما في الاصطلاح:فقد عرّف علم الحديث كثير من العلماء المتقدمين واختلفت عباراتهم في ذالك لأن كل واحد نظر من زاوية معينة فبنى عليها تعريفه لهذا العلم ومن تتبع اقوالهم يظهر له انها تدل على ان علم الحديث يطلق على ثلاثة معان ...*الأول*: انه يطلق على نقل ورواية ما اضيف الى الرسول صلى الله عليه وسلم من اقواله التي قالها وافعاله التي فعلها او تقريراته-مافعل امامه فاقره-او اوصافه يعني:شمائله عليه السلام وسيرته قبل البعثة وبعدها او نقل ما اضيف الى الصحابة والتابعين وعلم الحديث بهذا المعنى هو المعروف بعلم "رواية الحديث»...*الثاني: انه يطلق على الطريقة او المنهج الذي اتبع في كيفية اتصال الاحاديث من حيث أحوال رواتها ضبطا وعدالة ومن حيث كيفية السند إتصالا وانقطاعا وعلم الحديث بهذا المعنى هو المعروف بعلم :«أصول الحديث»...*الثالث* انه يطلق على البحث عن المعنى المفهوم من الفاظ الحديث وعن المراد بها مبنيا على القواعد العربية وضوابط الشريعة ومطابقا لاحوال النبي صلى الله عليه وسلم ...ولكل معنى من هذه المعاني فوائد اماالأول ففائدته العناية بحفظ السنة النبوية ومعرفتها ونشرها بين المسلمين وفي ذالك فائدة بقائها وعدم اندراسها .*وموضوعه* ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الاقوال والافعال والتقريرات.*وواضعه* محمد بن شهاب الزهري رحمه الله في خلافة سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه ،اي انه اول من دونه وجمعه بامر سيدنا عمر بن عبد العزيز فانه كتب الى اهل الآفاق: ان انظروا ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم او سُنته فا كتبوه ،فإني خِفت دروس العلم ،وذهاب العلماء .*واما الثاني* ففائدته :معرفة درجات الاحاديث وتمييز الصحيح والحسن من السقيم والدخيل ...*واما الثالث* ففائدته معرفة الاحكام الشرعية،وبيان القرآن الكريم ،والاقتداء با النبي عليه الصلاة والسلام ،وغايته التحلي باالآداب النبوية بعد التخلي عما يكرهه وينهاه حتى يفوز المؤمن بسعادة الدنيا والآخرة .ولكن المشهور في كتب هذا الفن هو تقسيم الحديث الى دراية ورواية ،وكأنهم يجعلون القسم الاول شاملا للقسم الثالث ....علم أصول الحديث ويسمى علم الحديث دراية ،اوعلم مصطلح الحديث او مصطلح اهل الاثر وهذه هي الاشهر والاوضح كما جرى عليه الحافظ ابن حجر ...*تعريفه المشهور* والتعريف المشهور لعلم مصطلح الحديث هو:علم بقوانين يعرف بها احوال السند والمتن . ...والقانون هو الضابطة والقاعدة وما يضبط الشئ ..والسند:هو الطريقة الموصلة الى المتن -اي الرجال المُوصِلون الى متن الحديث شيخا عن شيخ الى ان يصل الى لفظ الحديث ...والمتن:هو ما ينتهى اليه السند من الكلام ..*والاسناد* هو الاخبار عن طريق المتن وحكايته ...*واحوال السند والمتنهو مايطرأ على السند من اتصال او انقطاع او علو او نزول وما يطرأعلى المتن من رفع او وقف او شذوذ او صحة ...واما موضوعهفا الراوي والمروي من حيث القبول والرد.واما *فائدته فمعرفةما يقبل ويرد من ذالك .*واما واضعهفهو القاضي ابو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الشهير باالرامَهُرْمُزي رحمه الله تعالى فإنه اول من صنف في اصطلاح هذالفن..٢٦٥-٣٦٠هـفضل علم الحديث وشرف اهله* قال سفيان الثوري :لا اعلم أفضل من علم الحديث لمن اراد به وجه الله تعالى ،ان الناس يحتاجون اليه حتى في طعامهم وشرابهم فهو افضل من التطوع با الصلاة والصيام لانه فرض كفاية .وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:(لم يزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يروي الحديث فإن طلبوا العلم بلا حديث فسدوا) وقال الإمام وكيع رحمه الله :(لو اعلم ان الصلاة النافلة افضل من الحديث ما حدثت ) وقال الام…
السنة فى اللغة :السيرة حسنة كانت او قبيحة .وفي الحديث :(من سَنّ في الإسلام سُنّة حسنة ،فله أجرها،وأجر من عمل بها بعده ،مِن غير ان ينقُص من أُجورهم شئ ،ومَن سنّ في الإسلام سُنة سيئة كان عليه وِزرها ووزر من عمل بها من بعده ،من غير ان ينقص من اوزارهم شيئ)رواه مسلم ١٠١٧ وقد تكرر في الحديث إستعمال كلمة السنة وما تصرف منها ،والأصل فيها الطريق او السيرة .* اما السنة في الشرع*:فقد اختلف العلماء في معناها لذالك تعددت تعاريفها
والسبب في ذالك إختلاف مقاصد العلوم وموضوعاتها التي يبحث فيها . فعلماء الحديث يعرفونها :بانها كل ماأضيف الى النبي صلى الله عليه وسلم قيل: او الى صحابي او الى من دونه قولا اوفعلا او تقريرا او صفة . وعلماء اصول الفقه يعرفونها :بانها ماثبتت عنه صلى الله عليه وسلم غير القرآن الكريم من قول اوفعل اوتقرير مما يصلح ان يكون دليلا لحكم شرعي لان موضوع عنايتهم البحث عن الادلة الشرعية ...وعلماء الفقه يعرفونها بانها:ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ولم يكن من باب الفرض ولا الواجب فهي:(الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب )لان مهمتهم البحث عن الاحكام العملية من فرض وواجب ومندوب وحرام ومكروه ومعرفة احكام كل فرد ....وعلماء الوعظ والارشاد يعرفونها :بانها ما قابل البدعة ،لان مهمتهم العناية بكل ما امر به الشرع ،او نهى عنه (الحديث والمحدثون -ص٩-١٠)..*واعلم:ان السنة على تعريف علماء الحديث لها ،هي مرادفة للحديث النبوي عندهم وهو-الحديث-عندهم يشمل ايضا صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخِلقية والخُلقية ،وسيره ومغازيه وبعض اخباره قبل البعثة ،ولذالك يذكر المحدثون في كتبهم هذه المباحث ويعتنون بها اعتناء شديدا ككتب الشمائل والجوامع والخصائص.....حجية السنة* السنة هي الأصل الثاني للتشريع الاسلامي لذالك كان وجوب اتباعها والرجوع اليها والاعتماد عليها بامر الحق سبحانه وتعالى وبامر المشرع الاعظم قال الله سبحانه وتعالى :(واَطيعُوا الرسول واحْذرُوا)المائدة٩٢- وقال: (منْ يُطِعِ الرسول فقد ْ أَطاعَ اللّه)النساء -٨٠-وقال (وما آتاكُمُ الرسولُ فخُذُوه وما نَهاكُمْ عنهُ فانْتهُوا)الحشر-٧-وقال :(لقد كان لكُمْ فيِ رسُولِ اللّه أُسْوة حسنة)-الاحزاب-٢١-وقال:(قُلْ ان كُنْتُمْ تُحِبُون الله فاتّبعُوني يُحْبِبْكُمُ الله ويغفر لكُمْ ذنوبكم )آل عمران-٣١-وقال صلى الله تعالى عليه وسلم «تركت فيكم امرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه»رواه مالك فى الموطأ (ص٤٧٠)ومن هنا كان المنكر لحجيتها الذي يزعم انه يعمل با الكتاب فقط اقل واحقر من ان يرد عليه اويجادل ،لانه من حيث زعم الحق وقع في الباطل ،ودعواه الطاعة والاتباع هي عين المعصية والابتداع .فهذا القرآن ينادي بصريح الآيات البينات بنفي الايمان عمن لم يتحاكم الى رسول الله ويرجع الامر اليه ثم لم ينقد لحكمه ويذعن لامره مع الرضا التام والتسليم الكامل والتفويض الصادق .قال سبحانه وتعالى :(فَلا وربِّك لا يُؤمنونَ حتّى يُحَكّموك فيما شجر بينهم ثمَّ لا يَجِدُوا في انفُسهم حرجا ممّا قضيتَ ويُسلِّمُوا تسليما)النساء-٦٥- وليس معنى تحكيمه والرجوع لقوله والاذعان اليه الا الرجوع الى السنة والاذعان اليها.وهذا القرآن يخبرنا ايضا :بانه لا اختيار لمؤمن مع حكم الله تعالى وحكم رسوله ووصف من خالف ذالك با العصيان فقال تعالى :(وما كان لِمؤْمِنٍ ولا مُؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا انْ يكُون لهمُ الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)الاحزاب-٣٦- وقد ظهر اليوم كثير ممن يدعي الهوى على شاشات التلفاز ينهقون نهيق الحمر بعدم الاعتبار با السنة النبوية ويقولون القرآن كاف لنا مع انهم غافلون عن ان اثبات القرآن وقرآنيته متوقف على السنة ايضا فالقرآن انما ثبت با السنة مع ان مقصودهم الاصلي تحريف كتاب الله ايضا حسب هواهم الفاسدة واغراضهم الكاسدة والله متم نوره ولو كره الكافرون ولا غرابة في ذالك فقد اخبرنا صلى الله عليه وسلم بما اطلعه الله عليه من الغيب عن حصول مثل هذه الانكار والجحود فكان الامر كما اخبرنا واظهر الله معجزته بظهور بعض الفرق التي تنسب نفسها الى الاسلام وتدعي مثل تلك الدعوى والاسلام منهم براء فقال صلى الله علي…
وظيفة السنة في التشريع:صِلة السنة با القرآن الكريم عظيمة ووثيقة جدا ،اذا علمنا ان وظيفة السنة النبوية تفسير القرآن الكريم ،والكشف عن اسراره وتوضيح مراد الله تعالى من اوامره واحكامه ،ونحن اذا تتبعنا السنة من حيث دلالتها على الاحكام التي اشتمل عليها القرآن اجمالا او تفصيلا وجدناه ترد على هذه الوجوه الاربعة :*الأول* :ان تكون موافقة لما جاء في القرآن الكريم فتكون واردة ح مورد التأكيد وذالك مثل قوله عليه الصلاة والسلام :«ان الله يملي للظالم فاذا اخذه لم يفلته »رواه الشيخان -يوافق قول الله سبحانه وتعالى :(وكَذالك أَخْذُ ربِّك اذا اخذ القرى وهي ظالمة)هود-١٠٢-وكذالك جميع الاحاديث التي تدل على وجوب الصلاة والزكاة والحج ،والبر والاحسان والعفو وما اشبه ذالك .*الثاني:ان تكون بيانا لما اريد بالقرآن ،وانواع هذالبيان ما يأتي:(١)بيان المجمل:وذالك مثل الاحاديث التي بينت جميع ما يتعلق بصور العبادات ،والاحكام،من كيفيات وشروط ،واوقات وهيئات ،فان القرآن لم يبين عدد ووقت واركان كل صلاة مثلا وانما بينته السنة. (٢)تقييد المطلق:وذالك كا الاحاديث التي بينت المراد من اليد في قوله تعالى :(والسّارقُ والسّارقَة فاقطعوُا أيْديَهما)-المائدة -٣٨-انها اليمنى وان القطع من الكوع لا من المرفق .(٣)تخصيص العام :كا الحديث الذي بين ان من الظلم في قوله تعالى:(الّذين آمنُوا ولمْ يَلبِسوا ايمانهم بظلم)-الانعام-٨٢-هو الشرك فان بعض الصحابة فهم منه العموم حتى قال واينا لم يظلم فقال صلى الله عليه وسلم :«ليس ذالك انما هو الشرك»-بخاري ٣٤٢٩-......(٤)توضيح المشكل:كا الحديث الذي بين المراد من الخيطين في قوله تعالى :(وكُلُوا واشْرَبُوا حتّى يتبيّن لكم الخيْط الأبْيضُ من الخَيْطِ الأسْودمِنَ الفَجْر)-البقرة-١٨٧-فهم منه بعض الصحابة العقال الابيض والعقال الاسود فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«انما ذالك سواد الليل وبياض النهار » بخاري -١٩١٦-مسلم-١٠٩٠-... *الثالث ان تكون دالة على حكم سكت عنه القرآن وامثلة ذالك كثيرة ،ومنها الاحاديث الواردة في تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها ،والاحاديث الواردة في تحريم ربا الفضل ،وتحريم لحوم الحمر الاهلية ....*الرابع*:انها تكون ناسخة لحكم ثبت با لكتاب ،على رأي من يجوز نسخ الكتاب با السنة وامثلة ذالك كثيرة منها حديث :«لا وصية لوارث »ترمذي-٢١٢٠-نسائي-٣٦٤١-فانه ناسخ لحكم الوصية للوالدين والاقربين الوارثين الثابت بقوله تعالى :(كُتِب عليْكُم اذا حضَرَ احدُكُمْ الموتُ ان ترك خيرا الوصيّةُ للوالدين والأقْرَبِين با المعروف حقا على المتقين)-البقرة-١٨٠-....
تاريخ تدوين السنة:مرت السنة المطهرة بادوار مختلفة ومراحل متعددة في حلقات متسلسلة يترتب بعضها على بعض حتى وصلت الى الوضع الحالي ،وبتحرير الفرق بين كل مرحلة وبيان صفتها ،يتجلى لك تاريخ تدوين السنة على حقيقته في وضوح تام .والمراحل التي لها اهمية كبرى في تاريخ السنة ثلاث :١-كتابتها...٢-تدوينها على وجه العموم ...-٣-تدوينها مع الاقتصار على الصحيح*
(١)كتابة السنة *: اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بترقية الكتابة والنهوض بها والعمل على نشرها عناية شديدة .وهذا ظاهر واضح من صنيعه صلى الله عليه وسلم في بدر اذ جعل فداء بعض الاسرى في بدر ممن يعرفون الكتابة ،ان يعلم الواحد منهم عشرة من صبيان المسلمين با المدينة القرائة والكتابة ،ولا يطلق الا بعد ان يتم تعليمهم .....وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة في تدوين ما ينزل من القرآن ،وفي ارسال الرسائل الى الملوك يدعوهم فيها الى الاسلام ،واتخذ لذالك كُتّابا من الصحابة ...هذا وقد كتب القرآن كله بين يديه على الرقاع والعسب والحجارة ...وفي مقابلة امره بكتابة القرآن ،نهى عن كتابة الحديث ،منعا للوقوع في خطر التغيير والتبديل ودفعا لاشتباه الآية من القرآن بالحديث ،نهى اصحابه عن كتابة السنن وتدوين الاحاديث حتى يتسع المجال امام القرآن ويأخذ مكانه من الحفظ والكتابة معا وحتى يثبت في صدور الحفاظ وتألفه اسماعهم ،وبذالك يزول خطر الالتباس ...فروى ابو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :(لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ،ومن كتب عني شيئا غير القرآن ،فليمحه)مسلم -٣٠٠٤- فمنعهم من كتابة الحديث ووكله الى حفظهم واجاز لهم روايته ونقله عنه مع تحذيرهم من الكذب عليه .قلت* :وهذا هو الحديث الصحيح الوحيد في هذا الباب ،وهناك احاديث وآثار مختلفة كلها لا تخلو عن مقال ،ضربنا صفحا عن ذكرها ....وقد صدر اذنه عليه الصلاة والسلام با الكتابة بصفة خاصة لبعض من خصهم بذالك من الصحابة ،كأبي شاه،فيما رواه ابو هريرة رضي الله عنه انه لما فتح الله على رسوله مكة ،قام الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب في الناس ،فقام رجل من اهل اليمن يقال له ابو شاه فقال يا رسول الله ،اكتبو لي ،فقال : (اكتبوا له )وفي رواية :( اكتبوا لأبي شاه) ابو داود -٣٦٤٩-ترمذي -٢٦٦٧- وثبت الاذن العام منه عليه الصلاة والسلام بالكتابة في حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما اذ قال له صلى الله عليه وسلم (أكتب ،فوالذي نفسي بيده ،ما خرج منه الا حق )واشار بيده الى فيه -رواه احمد -٦٧٦٣-والحاكم -٣٥٩-....وقال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما :أُقيّدُ العلمَ؟ قال:(نعم) ،قلت :وما تقييدُهُ؟ قال:(الكتابة)–طبراني الاوسط -٨٥٢ ..وعن انس رضي الله عنه موقوفا :(قيدوا العلم با الكتابة)-المستدرك ٣٦٠- ويظهر بين هذه الاحاديث التعارض وقد اجتهد كثير من اهل العلم في الجمع بينها ،واحسن ما اراه في ذالك ،هو القول بنسخ احاديث النهي عن الكتابة .....وقد فهم كثير من الصحابة رضي الله عنهم هذا الاذن الذي جاء بعد نهي ،فقيدوا كثيرا من السنن كما ثبت ذالك ونقل الينا ،ومن ذالك : (١)-صحيفة علي رضي الله عنه وهي مشهورة .روى البخاري بسنده عن ابي جحيفة قال :(قلت لعلي :هل عندكم كتاب ؟ قال لا الا كتاب الله او فهم اعطيه رجل مسلم ،او ما في هذه الصحيفة .قلت فما في هذه الصحيفة ؟ قال العقل ،وفكاك الأسير ،ولا يقتل مسلم بكافر )–بخاري /١١١ ومسلم /١٣٧٠) (٢)-الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما ،وذكر ابن الاثير انها تضم الف حديث -نسائي -٤٧٤٤ -واحمد -٩٦٥-٩٦٦)..وسماها هو بنفسه (الصادقة)..(٣)-صحيفة جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه ،وهي التي يقول فيها قتادة بن دعامة السَّدوسي :انه يحفظها ويعتني بها اكثر من غيرها .(طبقات ابن سعد-٢/١٨٩)
(٢)تدوين السنة ثبت لنا مما سبق ان بعض الصحابة كانوا قد كتبوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كثيرا من احاديثه بجانب ما اودعوه حوافظهم القوية وقرائحهم الصافية وهكذا من بعدهم من التابعين اذ ورثوا علومهم ورووا عنهم ما حفظوه وكتبوه .ثم لما انتشر الاسلام واتسعت البلاد وشاع الابتداع وتفرقت الصحابة با الامصار ،ومات كثير منهم في الحروب وغيرها ،وكاد ان يقل الضبط وتضعف ملكة الحفظ ،دعت الحاجة الى تدوين السنة كلها وكتابتها ،فكتب امير المؤمنين عمربن عبدالعزيز على رأس المأة الأولى الى عامله وقاضيه على المدينة ابي بكربن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه ،فاني خفت دروس العلم وذَهاب العلماء (كما في البخاري /١/٣٣) .واوصاه ان يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الانصارية،والقاسم بن محمد بن ابي بكر .وكذالك كتب الى عماله في امهات المدن الاسلامية بجمع الحديث ،وممن كتب اليه بذالك محمد بن شهاب الزهري ،ومن هذا الوقت اقبل العلماء على كتابة السنن وتدوينها ،وشاع ذالك في الطبقة التي تلي طبقة الزهري ،فكتب ابن جريج المتوفى سنة (١٥٠هـ)بمكة،وابن اسحاق المتوفى سنة (١٥٠هـ) ،ومالك المتوفى سنة(١٧٩هـ)بالمدينة ،والربيع ابن صبيح المتوفى سنة (١٦٠هـ)وسعيد بن ابي عروبة المتوفى سنة (١٥٦هـ)وحماد بن سلمة المتوفى سنة (١٦٧هـ)بالبصرة،وسفيان الثوري المتوفى سنة (١٦١هـ)بالكوفة ،والاوزاعي المتوفى سنة (١٥٧هـ)بالشام،وهُشيم المتوفى سنة (١٨٣هـ)،وابن المبارك المتوفى سنة (١٨١هـ)بخراسان رحمهم الله .وكان هؤلآء جميعا في عصر واحد ولا يدرى ايهم اسبق الى جمع الحديث ،ثم تلاهم كثير من اهل عصرهم فى النسج على منوالهم .وكانت طريقتهم فى جمع الاحاديث ،انهم يضعون الاحاديث المتناسبة في باب واحد ثم يضمون جملة من الابواب بعضها الى بعض ويجعلونها مصنفا واحدا ،ويخلطون الاحاديث باقوال الصحابة وفتاوى التابعين على خلاف ما كان يصنعه اهل القرن الاول كا الزهري ،فانهم كانوا يخصون كل مؤلف بباب من ابواب العلم ،يجمعون فيه الاحاديث المتناسبة مختلطة باقوال الصحابة وفتاوى التابعين ....على انه لم يصل الينا من هذه المصنفات سوى ما صنفه مالك وهو « الموطأ» ولعل السبب هو سنة التطور فى التأليف ،فهي التي قضت على هذه المؤلفات .وفي هذه المرحلة يقول الحافظ السيوطي :اول جامع الحديث والاثر ابن شهاب آمرا له عمر ....وكان هذا هو ابتداء التدوين العام فى هذه المرحلة وهو التدوين الرسمي الذي دعت اليه الحكومة الاسلامية آنذاك فى النصف الاول من القرن الهجري الثاني وفيه نشطت حركة التصنيف والجمع والكتابة ،وشارك في ذالك كثير من أئمة العلم وفحول الرواية ....(*٣)تدوين الصحيح* ذكرنا ان الكتب والمصنفات التي كانت من ثمرات الامر الرسمي بتدوين السنة فى المرحلة الثانية لم يعتن اكثرها با التمييز بين صحيح الاخبار وسقيمها وناسخها ومنسوخها ،وترتيبها وتنسيقها وضم بعضها الى بعض بحسب المناسبات وهذا مما يعجز عن ادراكه غير اهل هذا الفن ويتعب في تحصيله المستفيد المستعجل من اهل العلم .لذالك تحركت همة امام اهل الحديث ابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله تعالى لجمع طائفة كبيرة من الاحاديث التي صحت اسانيدها ،وسلمت متونها من العلل ،مرتبة على ابواب الفقه والسير والتفسير ،مراعيا فيه القواعد والاصول التي حررها علماء اصول الحديث لضبط مقاييس الصحة وموازينها .وشجعه على ذالك قول شيخه اسحٰق بن راهُويه رحمه الله تعالى لتلاميذه :لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البخاري :فوقع ذالك في قلبي فاخذت فى جمع (الجامع الصحيح )ثم تواترت الكتب الصحيحة في هذالباب مثل -صحيح مسلم-و-ابن حبان -و-ابن …
*عناية الأمة بالسنة وجهود العلماء في حفظها* اتفق المسلمون -قديما وحديثا-الا شذّاذ المبتدعة على ان سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول او فعل اوتقرير ،اصل اصيل من اصول الدين وركن عظيم من اركانه ،والايمان بهذا فرع الإيمان بالدين وقبوله ثمرة من ثمرات قبول الدين ،وقد جاء في الأثر المشهور :(ان هذا العلم دين ،فانظرو عمن تأخذون دينكم).وهذا الاثر يشير بصراحة الى امرين :(١) الاول:القيمة الإعتبارية للسنة المشرفة وانها دين وان قبولها والتصديق بها من لوازم الإيمان وقد تقدمنا الكلام عليه ...(٢) الثاني :المنهج السليم المستقيم الذي يقوم على هذا الاعتبار ،والذي لا ينبغي ان يكون سواه وهو (ميدان المنهج)وفي هذا الميدان تبرز لنا معالم ظاهرة -نحاول جمع اشتاتها-تبين لنا كيف كانت عناية الامة بحفظ هذ الاصل العظيم .واول ما ينبغي الإشارة :هو اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بتلقي السنة وهذا في الحقيقة ليس غريبا اذا علمنا انه في مقابلة اهتمام المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتبليغ والاعطاء وحرصه العظيم على افادتهم فهو يعيش بينهم ،يشاهدون كل تصرفاته الخارجية ،وحركاته وسكناته في عباداته وعاداته ،هذا مع حثه لهم وحضه على التبليغ والنقل والرواية ،اذ كان يقول :(نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع ،فرب مبلغ اوعى من سامع )-ابو داود ٣٦٦٠-ترمذي-٢٦٥٧-. لقد حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاخذ والتلقي ومتابعة كل ما يشاهدون او يسمعونه،فقد كان بعضهم يتناوبون على ملازمة مجلسه يوما بعد يوم ،يتفق الرجل منهم مع صاحبه على ان يذهب احدهم الى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ويذهب الثاني لمعالجة شؤونه ،فيخبر الاول الثاني بما يحصل له من علم مما شاهد اوسمع ،ثم يأتي اليوم الثاني ويأتي دور الآخر ،فيذهب هو الى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ويذهب الاول الى معالجة شؤونه ثم يجتمعان ،فيخبره بعلم ذالك اليوم (وقصة عمر بن الخطاب مع رفيقه في هذا مشهورة رواها البخاري في صحيحه /١/٣١..باب التناوب في العلم...)وهكذا دواليك .وكانت وفود القبائل ترد الى المدينة المنورة ،وافراد الناس من مختلف البلاد يأتون المدينة يمكثون الشهر والشهرين يتعلمون الاحكام ،ثم يرجعون الى قومهم معلمين مرشدين . ولقد بلغ من حرص الصحابة رضي الله عنهم على تلقي السنة واخذها ،ان بعضهم كان يرحل الى بعض من اجل طلب حديث او سماع اثر ،فهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يرحل من المدينة المنورة لأجل مقابلة عبد الله بن اُنَيْس رضي الله عنه بالشام لسؤاله عن حديث بلغه عنه وهو (حديث المظالم)المشهور .وهذا ابو ايوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل من المدينة المنورة الى عقبة بن عامر رضي الله عنه بمصر يسأله عن حديث :(من ستر على مؤمن في الدنيا ،ستره الله يوم القيامة) احمد ١٦٩٤٠) هذا الحرص العظيم على التلقي ،كان من اجل ثماره المكثرون من الصحابة ،والمكثر:هو من روى فوق الالف ،وهم ابو سعيد الخدري ،وابو هريرة ،وابن عمر ،وانس ،وابن عباس ،وجابر ،وعائشة ام المؤمنين رضي الله عنهم اجمعين .وقد ورث التابعون هذا الحرص على تحصيل السنن النبوية ،كما في سيرهم واخبارهم التي هي اصدق شاهد وأدل دليل على ذالك .ثم يأتي بعد ذالك الدور العظيم في حفظ السنة وبقائها صافية خالصة من عبث العابثين ،ودس المفسدين ،وتحريف الغالين وانتحال المبطلين.وجهود علماء المسلمين في هذا -قديما وحديثا-لها الفضل المشهور ،والسعي المشكور الذي لا ينسى ،جهود متتابعة بحسب مناهجهم المختلفة. وتختلف هذه المناهج بإختلاف العصور والعهود ،لكن المادة الثابتة التي لم تتغير هي التثبت في تلقي الأخبار .وشواهد ذالك في عهد الصحابة كثيرة :١-فمنها:قصة المغيرة لما قال لأبي بكر :ان للجدة السدس…
الثاني:علم مصطلح الحديث: وهو القانون المعتمد الذي ضبط قواعد القبول والرد في هذا الميدان ،وبين انواع الأسانيد وطبقات الرواة،وبين كيفية اخذ الرواة للحديث وتقسيم طرقه ،والعلم بلفظ الرواة وايرادهم ما سمعوه ،واتصاله الى من يأخذه عنهم ،وذكر مراتبه ،والعلم بجواز نقل الحديث بالمعنى ،ورواية بعضه والزيادة فيه ،والإضافة اليه ما ليس منه،وإنفراد الثقة بزيادة فيه ،والعلم بالمسند وشرائطه ،والعالي والنازل،والعلم بالمرسل ،والمنقطع ،والمعضل ،وغير ذالك،والعلم بجواز الجرح والتعديل،ومراتبهما،والعلم باقسام الصحيح ،والحسن،والضعيف،والعلم بأخبار التواتر والآحاد ،وغير ذالك مما تواضع عليه أئمة الحديث وهو بينهم متعارف .واول مصنف في هذا الفن هو كتاب (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي)للقاضي ابي محمد الرامهرمزي رحمه الله المتوفى سنة(٣٦٠هـ).ثم تواترت الكتب حتى وضع ابن الصلاح رحمه الله (مقدمته) الشهيرة فعكف الناس عليه وساروا بسيره فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ،ومستدرك له ومقتصر،ومعارض له ومنتصر................ الثالث:تدوين الصحيح: وهو زيادة في الضبط والتحري والخدمة للسنة النبوية ولا يجهل احد (الصحيحين)وكيف لاقى البخاري ومسلم من تعب ،وبذلا من جهد في جمعهما وتنقيحهما وتحقيقهما ،وكيف وجد هذان الكتابان من علماء المسلمين كل عناية واهتمام ،بالدرس والشرح والتعقيب والاختصار والتعليق والحواشي ،وتلقتهما الأمة بالقبول ،وتفصيل هذا يحتاج الى مؤلف خاص ،وقد حصل ذالك من بعض فضلاء الوقت ، والفضل الاول للحافظ ابن حجر الذي افرد جزئا خاصا من شرحه (فتح الباري )تكلم فيه على صحيح البخاري ....*الرابع :كتب الكشف عن الرجال* اي علم الجرح والتعديل ،وهو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بالفاظ مخصوصة ،وعن مراتب تلك الالفاظ وذكر الذهبي في مقدمة كتابه (ميزان الإعتدال) :ان اول من عني بذالك من الأئمة الحفاظ يحيٰ بن سعيد القطان،وتبعه بعد ذالك تلامذته :يحيٰ بن معين ،وعلي ابن المديني ،واحمد بن حنبل ،وعمروبن عليّ الفلاس ،وابو خيثمة وتلامذتهم :كأبي زرعة ،وابي حاتم ،والبخاري ،ومسلم ،وابي إسحاق الجَوزجاني السعدي وخلق من بعدهم مثل النسائي ،وابن خزيمة ،والترمذي وغيرهم ...واقدم كتاب في هذا الباب كما في كشف الظنون (الجرح والتعديل)لأبي الحسن أحمد بن عبد الله العجلي ،ثم (الجرح والتعديل)لأبي محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي و(الكامل)لإبن عدي ،قال في الكشف :وهو أكمل الكتب فيه اهـ. وهذه الكتب التي تبحث في الرجال تنقسم الى مجموعات مختلفة متخصصة ..-١-فمنها ما افرد في ذكر الضعفاء :مثل (الضعفاء )للبخاري و(الكامل)لاب عدي و(ميزان الإعتدال)للذهبي و(لسان الميزان )لإبن حجر و(المجروحين)لإبن حبان .–٢-*ومنها* ما أفرد في ذكر الثقات :مثل (الثقات)لإبن حبان و(الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة)لقاسم ابن قطلو بغا،و(الثقات)للخليل بن شاهين ....–٣-ومنها:ماجمع بينهما كتاريخ البخاري –٤-ومنها ما أفد لرجال الكتب الستة فقط مثل (الكمال)للمقدسي(تهذيبه)للمزي(تهذيبه )لإبن حجر و(تقريبه)لإبن حجر و(الخلاصة )للزرجي .... الخامس :كتب الكشف عن الموضوعات وزيادة في الإهتمام والإعتناء ،افرد العلماء كتبا خاصة للكشف عن الاحاديث الموضوعة ،والضعيفة،والمشهورة .....
المصادر والمراجع :القرآن الكريم ....صحيح البخاري ...صحيح مسلم ...ارشاد الساري ...علوم الحديث لعبد الكريم زيدان ...تيسير مصطلح الحديث للطحان ..تدريب الراوي ...المنهل اللطيف للسيد محمد علوي المالكي ...
كتبه :أقل العباد علما وعملا وأكثرهم خطأ وزللا افقر الورى الى الطاف ربه الكريم وعفوه عبد الله آقان المديادي المارديني ثم الباطماني غفر الله له ولوالديه وأخذ بيده وجعل يومه خيرا من أمسه ووفقه في مرضاته وحفظه عن منهياته آمين بحرمة سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الى يوم الدين ....١٩/١/٢٠١٩